الحوكمة

‏19 سبتمبر 2024 مال وأعمال
مشاركة

مفهوم الحوكمة

نشأة مصطلح الحوكمة

الـحوكمة (Governance) هو مصطلح يشير إلى مجموعة من القواعد والإجراءات التي تُنظم عملية اتخاذ القرارات داخل المنظمات والشركات. نشأ هذا المصطلح في تسعينيات القرن الماضي، خاصة بعد الأزمات المالية التي شهدتها العديد من الشركات العالمية. وقد أصبح هذا المفهوم ضروريًا لضمان استدامة الشركات وتحقيق الشفافية والعدالة في العلاقات بين الأطراف ذات المصلحة. تُعد الحوكمة أساسية لضمان أن الأعمال تتم بشكل يحقق مصالح جميع أصحاب المصلحة باختلافهم (المساهمين، الموظفين، العملاء، والمجتمع)

 

مبادئ الحوكمة

تقوم الحوكمة على عدة مبادئ أساسية تهدف إلى ضمان الشفافية والمساءلة في الإدارة. من أبرز هذه المبادئ:

الشفافية: يجب أن تكون المنظمة شفافة وواضحة بشان المعلومات المتعلقة بأدائها المالي وغير المالي لجميع أصحاب المصلحة.

 

المساءلة: يجب أن يتمتع مجلس الإدارة والادارات التنفيذية بمسؤوليات محددة وواضحة وذلك لضمان محاسبتهم عند اتخاذ القرارات.

 

العدالة: تقوم الحوكمة على تعزيز مبدا المساواة في التعامل بين جميع أصحاب المصالح داخل المنظمة، مما يحول دون تفضيل فئة على أخرى.

 

الاستقلالية: يجب أن تتخذ مجالس الإدارة واللجان الفرعية قراراتها بشكل مستقل وبعيدًا عن التأثيرات الخارجية التي قد تعيق اتخاذ القرارات الرشيدة.

 

المسؤولية الاجتماعية: يُعتبر دور المنظمات في تعزيز رفاهية المجتمع جزءًا من مبادئ الحوكمة، حيث يجب على الشركات ان تقوم بدورها تجاه المجتمع من خلال المساهمة في التنمية المستدامة.

 

أهداف الحوكمة

 

تهدف الحوكمة الى:

حماية حقوق المساهمين: تسعى الحوكمة إلى ضمان حماية حقوق المساهمين ومنحهم الحق في الحصول على معلومات دقيقة عن أداء الشركة.

 

تعزيز الثقة: تعزز الحوكمة من ثقة أصحاب المصالح والمستثمرين في إدارة الشركة، مما يؤدي إلى استدامة نجاح الأعمال وزيادة الاستثمار مما ينعكس ايجاباً على التنمية الاقتصادية للبلد.

 

الحد من الفساد: من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة، تُسهم الحوكمة في تقليل الفساد وسوء الإدارة داخل المنظمات.

 

تحقيق الكفاءة: تعمل الحوكمة على تحسين كفاءة إدارة الموارد البشرية والمالية في المنظمة، مما يساهم في تعزيز الربحية والنمو.

 

تعزيز التنافسية: بفضل التزام الشركات بمبادئ الحوكمة، تستطيع الحفاظ على مكانتها التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية.

 

علاقة الحوكمة بالهيكل التنظيمي للمنظمة

الهيكل التنظيمي للمنظمة يلعب دورًا محوريًا في تنفيذ مبادئ الحوكمة. حيث يحدد الهيكل التنظيمي توزيع المسؤوليات والسلطات داخل الشركة ويُسهم في تحديد دور مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية، واللجان الفرعية. وتعتبر مهمة تنفيذ مبادئ الحوكمة احد المهام التي يتولاها مجلس الإدارة والذي يسعى من خلال الحوكمة لضمان تحقيق الشفافية والمساءلة داخل المنظمة.

 

بالإضافة الى انه يمكن أن تسهم الحوكمة في تحسين الهيكل التنظيمي من خلال توجيه العلاقة بين الجهات المختلفة في المنظمة، مما يضمن وجود نظام رقابي فعال. فمثلًا، الهيكل التنظيمي الذي يعتمد على لجان مستقلة مثل لجنة التدقيق ولجنة الحوكمة يُسهم في تعزيز الشفافية والمساءلة.

 

أمثلة على المنظمات التي اهتمت بوضع مبادئ الحوكمة

هناك العديد من المنظمات والمؤسسات العالمية التي طورت مبادئ الحوكمة التي تعتمدها الشركات حول العالم. من أبرز هذه المنظمات:

 

  1. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD): وضعت المنظمة مبادئ حوكمة الشركات المملوكة للدولة وهي مايعرف ب "المبادئ التوجيهية" حيث تهدف هذه المبادئ إلى تعزيز الشفافية والمساءلة وحماية حقوق المساهمين. تُركز مبادئ OECD بشكل كبير على ضمان ان الشركات المملوكة للدولة تعمل على تعزيز المساءلة والشفافية وضمان الإفصاح عن المعلومات المالية بشكل صحيح وذلك حمايةً لحقوق المستثمرين.   
  2. البنك الدولي: يُركز البنك الدولي جهوده على تدعيم المالية العامة والإدارة العامة والمؤسسات العامة وبالتالي فآن طبقاً للبنك الدولي فان مبادئ الحوكمة تهدف الى تحقيق التنمية المستدامة، وتشدد على ضرورة المساءلة والشفافية كجزء من شروط عمليات التمويل والمشاريع التي يدعمها. تقتضي قواعد البنك الدولي على الدول ان تتوافر في عملياتهم وقواعدهم التنظيمية الشفافية بما يعود بالنفع على المجتمع والمواطنين وان لا تكون المنافع حكر على فئة معينة من الافراد دون عن الاخرين تطبيقاً لمبدا العدالة

   

  1. منظمة التجارة العالمية (WTO): تهتم منظمة التجارة العالمية بترسيخ مبادئ الحوكمة فيما يتعلق بالتجارة الدولية، حيث تسعى الى ترسيخ مبدآ المساواة في المعاملة وضمان الشفافية في الإجراءات والسياسات التي تؤثر على التجارة العالمية والالتزام بقواعد السلوك والعلاقات التجارية الدولية.

 

  1. المؤسسة الدولية للتمويل (IFC): تُركز IFC على حوكمة الشركات في الأسواق الناشئة وتعزيز الاستدامة من خلال تطبيق مبادئ الحوكمة التي تشمل حقوق المساهمين، وشفافية المعلومات، والمسؤولية الاجتماعية.

 

الفرق بين مبادئ الحوكمة لكل منظمة

نلاحظ مما سبق بآن تباين مبادئ الحوكمة من منظمة لأخرى بناءً على أهدافها ونطاق عملها. على سبيل المثال، تركز منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD) على حماية حقوق المستثمرين في الشركات العامة والشفافية في الإفصاح المالي. في حين أن البنك الدولي يعطي الأولوية للمساءلة في إدارة المشاريع التنموية والمالية في البلدان النامية. أما منظمة التجارة العالمية (WTO) فتُركز على حوكمة السياسات التجارية بين الدول وتعزيز الشفافية في العلاقات التجارية العالمية.

 

تُعد الحوكمة عنصرًا حيويًا لضمان الشفافية والمساءلة في إدارة المنظمات والشركات. من خلال اتباع المبادئ الأساسية للحوكمة، يمكن للمنظمات تعزيز الثقة بين أصحاب المصالح وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل. ويلعب الهيكل التنظيمي للمنظمة دورًا مهمًا في تطبيق الحوكمة وضمان سير الأعمال بكفاءة وشفافية، فمن خلال الالتزام بمبادئ الحوكمة التي وضعتها المنظمات العالمية، يمكن للشركات تحقيق نجاح دائم وتعزيز تنافسيتها في الأسواق العالمية.